المعرفة والتعلم!! - صحيفة الجزيرة - 28 يونيو 2021
2021-09-26 608
هناك فرق بين المعرفة والتعليم، كما قال ماركوس شيشرون الكاتب الروماني القديم، والذي يُعَدّ مرجعاً للتعبير والمعرفة في تلك الآونة: «المعرفة فنٌّ، ولكن التعليم فن آخر قائم بذاته».
ومن تجربتي، يُستحسن ألّا تزيد فترة خدمة مدير الجامعة عن فترتين اثنتين، وإلّا كرر نفسه وكان العمل روتينياً ومملاً.
ولا أنسى كلمات سمعتها من معالي الأستاذ محمد الفائز الذي تولى أكثر من وزارة، كلماتٍ أعتقد أنه وَضَع فيها خلاصة تجربته في العمل الوظيفي، وكانت يومئذٍ مناسبةُ تعيّني مديراً لجامعة أم القرى، ففي معرض الحديث مال ناحيتي وقال هامساً: «احذر يا عزيزي من كثرة التمديد، فالأجمل لحياة أفضل أن يخرج الإنسان من العمل الحكومي بدون عكّاز». رسخت هذه الكلمات في ذاكرتي، وفكرت فيها مليّاً فوجدتها إحدى الحكم البالغة التي نتعلمها من أفواه أفذاذ الرجال الذين عركتهم يد الحياة.
يجب اختيار أعضاء هيئة التدريس بعناية فائقة وبإجراء اختبارات للعضو المرشّح للتعيُّن ليس فقط في مجال تخصصه العلمي -وهو مطلوب- بل أيضاً في مجالات أُخَر.
إن عضو هيئة التدريس هو الأساس في بناء العملية التعليمية وضمان جودة مخرجاتها، فلا تصلح هذه العملية إلّا إذا صلح، ولا يستقيم التعليم إلا إذا أوجدنا عضو هيئة التدريس الخبير الملتزم القادر على تنظيم التعلم بكفاية وفعالية تؤدي إلى خلق جيل متعلم واعٍ يعرف كيف يتعلم وكيف يواصل التعلم.
يجب تطوير مهارات طلاب الجامعة وتدريبهم على التلقي الجيّد والمشاركة الفعالة والتفكير الإبداعي، وكيفية اكتساب المعرفة وكيفية البحث عنها، كل ذلك يعمل على ضمان جودة المخرجات، القادرة على المنافسة بقوة في سوق العمل.
إن تغيير المناهج بما يتماشى مع متطلبات المرحلة أمرٌ في غاية الأهمية، ولا يقتصر هذا على المناهج الدنيوية بل حتّى المناهج الدينية مع عدم المساس بالثوابت، لأنّ الدين الإسلامي هو فقه حيّ يعالج الواقع وينظر في النوازل والأحداث ويعطي حكم الله تعالى فيها، وكما قال ابن القيّم رحمه الله: «المفتي طبيب ناصح».
إن دعم وتشجيع الجامعات الخاصة على أن تقوم بدورها هو واجب المرحلة، فدعم جامعة حكومية واحدة مثلاً قد يكفي لدعم أكثر من خمس جامعات خاصة، لقد لوحظ أن أفضل الجامعات العالمية التي تحتل المراتب الأولى في التصنيفات العالمية للجامعات هي الجامعات الخاصة.
- شئنا أم أبينا -والأيام بيننا-، من الصعب بل من المحال أن تستمر الدولة -رعاها الله- في تخصيص ميزانية سنوية بالمليارات لكل جامعة حكومية، لذلك على الجامعات المسارعة في إيجاد مصادر دخل مالية ذاتية بديلة.
- ما زلت أذكر كيف حوّل البرفسور زيني أولانج مدير جامعة ماليزيا للتقنية -وهي جامعة خاصة-إلى واحدة من أغنى الجامعات الماليزية، وقد كشف عن طرف هذا التغيير، فذكر أن أول خطوة قام بها بعد تسلمه قيادة الجامعة كانت تقليل عدد طلبة البكالوريوس مقارنة بطلبة الدراسات العليا في الجامعة، لأن هذا يعني ارتفاع عدد الأبحاث العلمية، وإذاً يمكن استخراج عدد ليس بهيّن من براءات الاختراع وتحويلها إلى منتجات يمكن تسويقها، وهو ما يعرف بالاقتصاد القائم على المعرفة، (انتهى كلامه).